ما هي الثقة بالنفس؟
يمكن أن تشير الثقة إلى الشعور العام بالإيمان والثقة في قدرتك على التحكم في حياتك أو- أكثر تحديدًا- التحكم في مواقف محددة في حياتك؛ على سبيل المثال، قد يكون لديك ثقة عالية بالنفس في الحياة العملية، ولكنك تشعر بثقة أقل في الحياة الاجتماعية كالتحدث أمام الجمهور؛ أو حضور المناسبات الاجتماعية الكبيرة، و قد تكون على ثقة بما انت معتاد عمله، بينما تفقد الثقة بما هو جديد.
يعاني الجميع من مشاكل فقدان الثقة من وقت لآخر، ويعاني البعض من فقدان الثقة بشكل دائم، بكل الأحوال هناك العديد من الممارسات التي يمكنك القيام بها لمساعدتك على تعزيز الشعور بالثقة ؛ فأن تكون واثقا من نفسك هو شعور جيد و في كثير من الحالات، يمكن أن يساعدك تعلم كيفية التصرف بثقة (إظهار الثقة) على الشعور بمزيد من الثقة حيث يؤثر طريقة تقديم نفسك للأخرين في رفع مستوى ثقتك؛ وبشكل عام امتلاك الثقة بالنفس يمكن أن يجلب العديد من الفوائد الإضافية في حياتك الاجتماعية والعملية أهمها أن التمتع بمستوى عالٍ منها يساعدك على أن تكون أكثر نجاحًا في حياتك الشخصية والمهنية.
كيف تعزز الثقة بنفسك؟
هناك العديد من الممارسات التي يمكن القيام بها لتعزيز ثقتك بنفسك؛ بعضها مجرد تغييرات صغيرة؛ والبعض الآخر عليك العمل عليها لفترة أطول قليلاً حتى تصبح عادات مألوفة لديك، من هذه الممارسات:
سجل ما حققته بالفعل: من السهل أن تفقد الثقة إذا كنت تعتقد أنك لم تحقق أي شيء؛ لذا ضع قائمة بكل الأشياء التي تفتخر بإنجازها في حياتك، سواء كانت الحصول على علامة جيدة في أحد الاختبارات أو تعلُم قيادة السيارة أو المشاركة الفاعلة في أحد الندوات؛ احتفظ بالقائمة بالقرب منك وأضف إليها كلما فعلت شيئًا تفخر به ، وعندما تكون ثقتك منخفضة، اسحب القائمة واستخدمها لتذكير نفسك بجميع الأشياء الناجحة التي قمت بها.
فكر في الأشياء التي تجيدها: تعرف على نفسك وحاول أن تعلم ماذا تجيد؟ وماذا تفضل؟. كل شخص لديه موهبة يمكن أن تكون نقطة قوة ، حاول أن تتعرف على ما تجيده أو ما تحب أن تجيده - يمكن أن يكون التصوير الفوتوغرافي أو الرياضة أو الرسم أو تسلق الجبال أو السباحة أو كتابة القصص- سيساعدك هذا في تعزيز الثقة في قدراتك، كما سيساعدك على تطوير مهاراتك في هذه الهواية بسرعة أكبر.
ضع بعض الأهداف: حدد بعض الأهداف وحدد الخطوات التي تحتاج إلى اتخاذها لتحقيقها؛ ليس شرطا أن تكون أهدافًا كبيرة يمكن أن تكون أشياء صغيرة مثل التخطيط لعمل رحلة مع الأصدقاء أو إلقاء كلمة في محاضرة معينة أو المشاركة في تجهيز فعالية، أو تعلم مهارة معينة ؛ ويمكن ان تكون بعض من هذه الأهداف التطوع للمساعدة في الأعمال الخيرية، لأن هذا التطوع يعزز الثقة بنفسك ويشعرك بأهمية العمل الذي قمت فيه متطوعا؛ فقط استهدف بعض هذه الإنجازات الصغيرة لمساعدتك على اكتساب الثقة في قدرتك على إنجاز الأشياء، وبعدها يمكن أن تضع أهدافا أكبر وتتعلم أن تجهز نفسك لكل ما يتطلب من معرفة وخبرة حتى تضمن النجاح بشكل أكبر.
مارس الحديث الذاتي الإيجابي: لن تشعر أبدًا بالثقة إذا كان لديك تعليق سلبي يدور في ذهنك يخبرك أنك لست جيدًا ويفقدك الثقة بنفسك. فكر في حديثك مع نفسك وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على ثقتك بها، عامل نفسك كما لو كانت أفضل صديق لك، فهذا يمكن أن يساعد في تعزيز التعاطف مع الذات والتغلب على الشك الذاتي، واكتساب قوة لمواجهة تحديات جديدة. الحديث السلبي مع النفس يمكن أن يحُد من قدراتك ويقلل من ثقتك من خلال إقناع عقلك الباطن بأنه "لا يمكن لي التعامل مع شيء ما" أو "أنه صعب للغاية" أو "لا يجب عليّ المحاولة مرة أخرى". لا يمكن تعزيز ثقتك بنفسك إذا كنت دائم التعنيف والإذلال لها. هناك "صورة ذاتية" عن نفسك حاول أن تتعرف عليها وتعزز نقاط القوة ومجابهة نقاط الضعف بمزيد من التجريب والمحاولة.
توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين: هل تقارن مظهرك بالأشخاص الذين تتابعهم على Instagram؟ أو تقارن حياتك بحياة الآخرين ؟ أو ربما تقارن راتبك بما يكسبه صديقك ؟ توضح نظرية المقارنة الاجتماعية أن إجراء المقارنات أمر طبيعي، لكن قد يكون لهذه المقارنة تأثير عكسي إذا أخذتها من زاوية تقليل النفس وليس التحفيز لها، إذا كنت تشعر بالحسد من حياة شخص آخر، فمن المفيد أيضًا أن تذكر نفسك بنقاط قوتك ونجاحاتك، ويمكن أن تتعلم من تلك النماذج التي تحسدها وتستفيد من تجاربهم. احتفظ بمفكرة للامتنان لتتذكر النعم التي تنعم فيها في الحياة مهما كانت صغيرة، يمكن أن يساعدك هذا في التركيز على حياتك الخاصة مقابل حياة الآخرين، حاول دائما إبعاد الأفكار السلبية تلك التي تخاطبك فيها نفسك عن قدراتك أو إمكانياتك ، وحاول أن تبتهج لأي إنجاز تحققه.
أحط نفسك بأناس إيجابيين: يمكن للأشخاص الذين تقضي الوقت معهم التأثير على أفكارك ومواقفك تجاه نفسك، ربما أكثر مما تدرك. لذا انتبه لما يتحدث فيه الآخرون الذين هم إما دائمون في انتقادك والتقليل من عملك، أو هم دائمون الشكوى والتذمر واليأس من حياتهم، ففي كلتا الحالتان حديثهم يقلل الثقة بالنفس وبالحياة. إذا شعرت بالسوء حيال نفسك بعد الخروج مع شخص معين، فقد حان الوقت لتوديعه؛ يجب أن تحرص على اختيار أصدقاء إيجابيين فهذا يساعد على رفع الثقة بالنفس؛ في الواقع، الثقة بالنفس والسلوك الإيجابي يسيران جنبًا إلى جنب، لذا عليك التحدث بإيجابية بشكل دائم.
اهتم بصحتك: من الصعب أن تشعر بالرضا عن نفسك إذا كنت تهمل صحتك، لذا عليك الاهتمام بالغذاء الصحي وممارسة الرياضة وتقليص الوقت المهدور في أشياء غير مفيدة. أحرص على النوم الجيد - تم ربط النوم الجيد بسمات الشخصية الإيجابية- بما في ذلك التفاؤل واحترام الذات، استكشف تمارين التأمل، التأمل أكثر من مجرد تمرين للاسترخاء، يمكن أن يساعد التأمل في تعزيز الثقة بالنفس بعدة طرق؛ أولاً يساعدك على التعرف على نفسك وقبولها ، يعلمك أيضا أن تتوقف عن الحديث السلبي مع النفس، وأن تنفصل عن الأحاديث العقلية غير المفيدة التي تؤثر على ثقتك بنفسك. الاهتمام بنفسك جزء مهم للشعور بالثقة ؛ تأكد من حصولك على ما تحتاجه لتشعر بالرضا عن نفسك وقدراتك، أنت تعلم أنك تفعل شيئًا إيجابيًا لعقلك وجسدك وروحك - وستشعر بطبيعة الحال بمزيد من الثقة نتيجة لذلك.
واجه مخاوفك: توقف عن تأجيل الأمور بهدف ان تشعر بمزيد من الثقة لعملها، عليك المبادرة ومواجهة أي مخاوف يمكن أن تعيقك. من أفضل الطرق لبناء ثقتك في هذه المواقف مواجهة مخاوفك وجهاً لوجه، فكر في كل ما تتخوف منه وحدد الأسباب وقرر مواجهة هذه المخاوف لان هذه الطريقة ستعمل على تعزيز ثقتك بنفسك إلى درجة كبيرة. الشعور بالخوف من مجابة موقف ما لأنك تخشى الإحراج أو الفشل لن يفيدك فعلا ؛ اقنع نفسك أنها تجارب ولا شيء يدوم كما أن الفشل لن يكون دائما إذا كررت المحاولة بعد تجنب أسباب الفشل في المحاولة الأولى. قد تتعلم أن الشعور بالقلق قليلاً أو ارتكاب بعض الأخطاء ليس بالسوء الذي كنت تعتقده ؛ وفي كل مرة تمضي قدمًا تكتسب ثقة أكبر في نفسك.
علاقات صحية: امتلاك الثقة بالنفس لا يؤثر فقط على شعورك تجاه نفسك، ولكنه يساعدك على فهم الآخرين وحبهم بشكل أفضل. عليك بناء صداقات صحية، ومشاركة أصدقاءك نجاحاتهم، عليك التعاون معهم إذا تطلب الأمر، لا تتخوف من نجاح من حولك ؛ بالعكس هذا سيثبت لك أن النجاح أمر ممكن وان التعاون أمر ممكن، أبتعد عن الأنانية والاستحواذ وتذكر أن النجاح ليس محصورا على أشخاص بعينهم ولا ينفذ إذا تكللت مشاريع الآخرين به ؛ من خلال العلاقات الصحية يمكن أن تحصل على دعم ومساعدة ، ويمكن أن تأتي الأفكار الإبداعية والحلول المبتكرة.
الانفتاح لتجربة أشياء جديدة: عندما تؤمن بنفسك، فأنت أكثر استعدادًا لتجربة أشياء جديدة. تجريب الأشياء الجديدة تساعد في تعزيز الثقة لأنها تكسر حاجز التردد والتخوف كما أنها تعمل على زيادة المعرفة والخبرة التي تقوم بدورها في زيادة الثقة بالنفس. قد تتخوف من تسلق الجبال، عليك كسر هذا التخوف والقيام برحلة لتسلق الجبال، قد تتخوف من إلقاء خطاب أمام الآخرين، عليك مجابهة هذا التخوف عند ظهور أول فرصة للمشاركة، وقد تتخوف من تجريب شيء لا تفهم فيه الكثير، ألتحق بدورة لزيادة خبرتك فيه وقم بما كنت متخوف منه. كما ان القراءة والاطلاع على الجديدة وزيادة المعرفة يعمل على تعزيز الثقة.
المرونة: الإيمان بنفسك يمكن أن يعزز مرونتك أو قدرتك على التعافي من أي تحديات أو محن تواجهها في الحياة. لا تركن لأي فشل يصادفك وتلقي اللوم على نفسك وعلى الظروف والحظ، بل كن مرنا وحاول أن تستفيد من التجربة وتعافي سريعا لإعادة المحاولة ؛عندها تستطيع أن تكون مرنا بما يكفي لتعلُم متى تواجه التحدي ومتى تغير من طريقة تعاملك معه. وفي سعيك لتحقيق أهدافك لا تنسَ نفسك، كن مرنا بما يكفي لإعطائها مساحة للراحة ومقابلة الأهل والأصدقاء وممارسة هواياتك ؛ لأن هذا يجعل حياتك متوازنة ويدخل لها البهجة ويعزز ثقتك بنفسك.
تعلّم قول لا: يوافق البعض على كل ما يطلب منه حتى وان كان لا يرغب بعمله خوفا من مواجهة الرفض، لذا تعلُم قول "لا" يزيد من ثقتك لأنه يزيد من احترام الذات؛ الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ ما لا يرغبون فيه يفقدون الثقة في أنفسهم ويزداد إحباطهم ويأسهم ؛ لذا يجب تعلم قول لا لما لا ترغب بعمله، ومجابهة ما قد يترتب عليه، وسوف يتعود منك الآخرون هذه الطباع الجديدة ، وستكسب ثقة أكبر بقدرتك على التحكم فيما ترغب بعمله.
أهتم بمظهرك وتصرفاتك: احرص على أن تظهر بشكل لائق، هذا يزيد ثقتك بنفسك ويعطي انطباع أولي للآخرين أنك شخص محل ثقة ، فأغلب الناس يأخذون بالانطباع الأولي للحكم على الشخص. تعلم كيف تتحدث بأسلوب جيد عند تقديم نفسك أو عند السؤال أو الاستفسار، أو عرض فكرة أو مشروع أو التقدم لوظيفة أو مقابلة منحة ؛ تلك الكلمات التي استخدمتها والتصرفات التي قمت بها ولغة الجسد التي مارستها أثناء اللقاء تكوّن الانطباع عنك، وكلما كان الانطباع جيد كلما زادت تقتك بنفسك. يخسر البعض فرصهم لأنهم لم يستخدموا الكلمات المناسبة ولم يتحدثوا بالصوت الواثق ولم يتحكموا بلغة الجسد التي أظهرت تخوفهم وضعف ثقتهم فيما يعرضون.. تذكر كلما تحدثت بتأنٍ وهدوء كلما أعطيت انطباع بالثقة أكثر.
من صفات الأشخاص الواثقين
الأشخاص الواثقون بأنفسهم يسرهم نجاح الآخرين.
يتمتعون بذهن متفتح لا يحجبه الشك وانعدام الثقة.
تفكيرهم إيجابي لأنهم ينظرون للتحديات كنوع من التجارب الجديدة.
مستعدون دائما لتحمل المخاطر بسبب ثقتهم بقدراتهم.
يحسمون الأمور سريعا ولا يترددون.
يواصلون التعلم والتطور.
يعترفون بالخطأ ولا يعتبرونه نقص في قدراتهم.
يتحملون المسؤولية دون تردد.
من صفات الأشخاص غير الواثقين
الأشخاص غير الواثقين بأنفسهم يشعرون دائما بالغيرة والحسد من الآخرين.
أفقهم ضيق - لا يرحبون بأي أفكار منفتحة.
متشائمون لا يرون النجاح قريبا .
مترددون ولا يستطيعون حسم الأمور بسرعة.
يعتمدون على إخفاء العيوب.
يدّعون المعرفة.
دائمون في اختلاق الأعذار وإلقاء اللوم على الآخرين.
الخلاصة
لا سبيل للنجاح والتميز والتمتع بالحياة إلا بتعزيز الثقة بالنفس، وهذا ليس بالطريق السهل والسريع لمن أهمل الاهتمام بنفسه لوقت طويل، يمكن أولا البدء من استشعار أهمية تعزيز الثقة ثانيا تعلم احترام الذات واستشعار استحقاقها للنجاح، وثالثا محاولة اتخاذا من صفات الواثقين بأنفسهم عادات تبنيها في ذاتك بشكل دائم حتى تصبح بالفعل صفاتك؛ هي ليست صعبة إذا أقنعت نفسك أن في الحياة الكثير من التجارب التي يمكن أن تعيشها وتتمتع فيها وتخوض التحديات لأجلها من تعثر ونجاح؛ ولن تنجح إلا إذا حاولت أن تتخلص من تلك البرمجة الدائمة بعقلك الباطن بأن النجاح صعب واحتمالات النجاح محدود وان نجاح الآخرين ليس مفرح وان منطقة الراحة تلك التي تعيشها هي حماية وامان لك.
دكتورة أروى يحيى الإرياني
أستاذ مشارك - تكنولوجيا المعلومات
باحث ومستشار أكاديمي
أضغط هنا "Dr. Arwa Aleryani-Blog " لتسجيل متابعة، حتى يصلك الجديد من المدونة الأكاديمية.
Comments