top of page
Search

المحادثات الشخصية مع الذكاء الاصطناعي بين الاستخدام والإدمان

  • Writer: Dr. Arwa Aleryani
    Dr. Arwa Aleryani
  • Aug 24
  • 5 min read

في عصر أصبح فيه الذكاء الاصطناعي جزءًا من تفاصيل حياتنا اليومية، برز نوع جديد من الإدمان يُعرف بـ إدمان محادثات الذكاء الاصطناعي (AI Chat Addiction). إدمان محادثة الذكاء الاصطناعي هو الاستخدام المفرط والمستمر لتطبيقات المحادثة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بطريقة تؤثر سلبًا على الحياة اليومية، بحيث يصبح الفرد معتمدًا نفسيًا أو عاطفيًا عليها للتواصل أو الترفيه أو الدعم، مما يؤدي إلى إهمال العلاقات الواقعية، فقدان التوازن بين العالمين الرقمي والحقيقي، وصعوبة التوقف عن استخدامها رغم وجود آثار سلبية.

 

أسباب إدمان المحادثات مع الذكاء الاصطناعي 


أسباب إدمان محادثة الذكاء الاصطناعي متعددة، وتجمع بين عوامل نفسية وتقنية واجتماعية، أهمها:

 الأسباب النفسية

  • الهروب من الواقع فقد  يلجأ البعض للمحادثة مع الذكاء الاصطناعي لتخفيف التوتر أو الهروب من ضغوط الحياة.

  • الشعور بالوحدة و البحث عن تفاعل دائم دون خوف من الرفض أو الحكم.

  • الحاجة للدعم العاطفي حيث  يحتاج البعض لــ "مستمعًا دائمًا" يلبي احتياجهم للتقدير والفهم.

  • الإشباع الفوري بسبب الردود السريعة والمريحة التي تجعل الشخص يتعلق بالتجربة.

الأسباب التقنية

  • سهولة الوصول لهذه التطبيقات المتاحة 24/7 عبر الهواتف والحواسيب.

  • الطابع الشخصي لهذه التطبيقات المصممة بأسلوب "إنساني" يجذب المستخدم ويشعره بالتواصل الحقيقي.

  • التحفيز المستمر والتجاوب السريع والإجابات المثيرة للفضول تحفز الدماغ لإفراز الدوبامين (هرمون السعادة).

الأسباب الاجتماعية

  • ضعف العلاقات الواقعية وقلة التفاعل الاجتماعي تجعل هذه المحادثات بديلًا أسهل.

  • العزلة أو الاغتراب خاصة لدى المهاجرين أو من يعيشون بعيدًا عن أسرهم.

  • ثقافة الاعتماد على التقنية والإدمان العام على الأدوات الرقمية يسهّل الانزلاق نحو هذا النوع من الإدمان.

 

كيف يمكن أن يصبح الأمر إدمانًا؟


  • الاستخدام لفترات طويلة يوميًا دون شعور بالوقت.

  • التجاوب مع الأسئلة التي يطرحها فور الرد على السؤال.

  • الاعتماد العاطفي عليها للشعور بالدعم أو الهروب من الوحدة.

  • إهمال العلاقات الحقيقية مع العائلة والأصدقاء بسبب تفضيل التفاعل مع الذكاء الاصطناعي.

  • الإحساس بالفراغ أو التوتر عند التوقف عن استخدامه.


مخاطر الإدمان على هذه المحادثات


  1. العزلة الاجتماعية واستبدال العلاقات الواقعية بعلاقات افتراضية مع الذكاء الاصطناعي.

  2. تشوه التفاعل الإنساني  وضعف المهارات الاجتماعية وصعوبة التواصل مع البشر.

  3. التعلق العاطفي غير الواقعي.

  4. إضاعة الوقت على حساب العمل، الدراسة، أو الأنشطة الحياتية المهمة.

  5. تأثيره على الصحة النفسية فقد يزيد الاعتماد على محادثات الذكاء الاصطناعي من مشاعر الوحدة أو الاكتئاب في المدى الطويل.

 

فوائد المحادثات مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي


رغم مخاطر استخدام تطبيقات المحادثات مع الذكاء الاصطناعي إلا ان لها فوائد إذا استخدمت بشكل جيد من حيث نوع المحادثة أو فترتها ومن هذه الفوائد:

  1. الدعم النفسي والمساندة حيث بعض المستخدمين يجدونها مساحة للتعبير عن مشاعرهم دون خوف من الحكم عليهم.

  2. تحسين المعرفة والمهارات واستخدامها للتعلم، حل المشكلات، أو تطوير الأفكار.

  3. التواصل السريع والمريح للمواضيع التي تحتاج لردود سريعة لأنها متاحة دائمًا وتقدم ردودًا فورية.

  4. المساعدة في اتخاذ القرارات من خلال تقديم اقتراحات أو تحليل خيارات.

 

كيف نتخلص من إدمان محادثات الذكاء الاصطناعي؟


إدمان محادثات الذكاء الاصطناعي أصبح ظاهرة متنامية، خصوصًا مع تطور النماذج التي تحاكي البشر وتستجيب بطرق ودية وممتعة. للتعامل مع هذا الإدمان، يمكن اتباع عدة حلول عملية:

تحديد الهدف من المحادثة

  • أسال نفسك قبل بدء المحادثة: هل أنا أستخدمه للتعلم/العمل أم للهرب من الواقع؟

  • التركيز على استخدامه لإنجاز مهام محددة بدلًا من الدردشة المفتوحة بلا هدف.

استبدال العادة بأنشطة واقعية

  • ممارسة هوايات ممتعة (قراءة، رياضة، رسم).

  • تخصيص وقت للتواصل الاجتماعي الحقيقي مع العائلة أو الأصدقاء.

التدرج في تقليل الاستخدام

  • تقليل عدد مرات المحادثة تدريجيًا بدلًا من التوقف المفاجئ، لتجنب الشعور بالفراغ.

تجنب الاستخدام في أوقات الضعف العاطفي

  • كثير من الناس يلجؤون للمحادثة مع الذكاء الاصطناعي عند الشعور بالوحدة أو القلق. من الأفضل ملء هذه اللحظات بأنشطة بديلة مثل التأمل أو التحدث مع شخص حقيقي.

الوعي بالمخاطر

  • قراءة مقالات أو مشاهدة فيديوهات توضح تأثير الإدمان على الصحة النفسية والإنتاجية، مما يعزز الدافع للتقليل من الاستخدام.

طلب دعم مختص

  • إذا تحول الأمر إلى إدمان شديد يؤثر على الدراسة أو العمل أو العلاقات الاجتماعية، يمكن الاستعانة بمعالج نفسي مختص في الإدمان السلوكي.

  • استخدام تطبيقات مراقبة الوقت لمنع الاستخدام المفرط ومن هذه التطبيقات؛ تطبيق الرفاهية الرقمية(Digital Wellbeing)  وهو أداة عملية لمساعدة المستخدمين على تتبع وقت استخدام الشاشة، تقييد الإشعارات، وضبط استخدام التطبيقات كما هو موضح بالصورة ادناه.


    ree

 

 

من أين يأتي الذكاء الاصطناعي بإجاباته؟


يتساءل الكثيرون " عندما نطرح سؤالًا على الذكاء الاصطناعي، من أين يأتي بالرد؟"

الحقيقة أن تطبيقات مثل ChatGPT لا تبحث مباشرة في الإنترنت لحظة السؤال، بل تعتمد على نموذج لغوي تم تدريبه على كميات ضخمة من النصوص المتاحة علنًا، مثل:

  • الكتب والمقالات.

  • المواقع الإلكترونية العامة.

  • الأبحاث والموسوعات.

  • الحوارات والنصوص التعليمية.

 

هل يعطي الذكاء الاصطناعي إجابات من العدم (غير موجودة على أي مصدر رقمي)؟


الذكاء الاصطناعي لا يملك معرفة خاصة به ولا يخترع حقائق جديدة، ولا يستطيع اختراع معلومة حقيقية غير موجودة في العالم الواقعي أو غير مستندة إلى ما درّب عليه. لكنه يولّد إجابات جديدة من خلال تركيب وتحليل الأنماط التي تعلمها. فإذا طرحت عليه سؤالًا غير موجود نصًا في أي مكان، يمكنه توليد صياغة جديدة أو دمج أفكار متعددة، لكنه لا يستطيع معرفة معلومات غير منشورة أو أسرار غير معلنة. باختصار الذكاء الاصطناعي أداة ذكية قادرة على تحليل كم هائل من المعرفة البشرية وتقديمها بطريقة جديدة، لكنه ليس مصدرًا للحقيقة المطلقة، بل مساعد لصياغة الأفكار وفهم المعلومات.


أسئلة لا يجب طرحها على تطبيقات الذكاء الاصطناعي


هناك أسئلة لا يجب طرها أثناء المحادثات مع الذكاء الاصطناعي أما لأنها أسئلة محظورة أو لأنها قد تعطي إجابة غير صحيحة تماما، ومن هذه الأسئلة:

  1. ما هو رقم بطاقة بنكي أو كلمة مروري؟:  لأن إدخال البيانات السرية قد يعرّضك للاختراق أو سوء الاستخدام.

  2. شخّص حالتي الطبية وأعطني علاجًا محددًا:  الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن الطبيب، ويمكن أن تكون النتيجة خطيرة.

  3. كيف أتجاوز القانون أو أتحايل على الأنظمة؟:  أي استشارة تتعلق بخرق القانون قد تضعك في مشاكل قانونية.

  4. صف لي طريقة لصناعة أسلحة أو مواد ضارة:  هذه المعلومات غير آمنة وتدخل ضمن استخدامات ممنوعة.

  5. أعطني خطة لنشر الشائعات أو تضليل الآخرين:  استغلال الذكاء الاصطناعي للإضرار بالآخرين أمر غير أخلاقي وخطير.

  6. أخبرني كيف اختراق أنظمة أو حسابات:  القرصنة الإلكترونية جريمة يعاقب عليها القانون.

  7. هل يمكنك أن تصبح صديقي المقرب الوحيد؟:  الاعتماد العاطفي الكامل على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إدمان المحادثة والعزلة الاجتماعية.

  8. ما الطريقة لإنهاء حياتي أو إيذاء نفسي؟:  مثل هذه الأسئلة خطيرة جدًا، والمكان الصحيح لها هو طلب المساعدة من مختصين أو مراكز دعم نفسي.

  9. أعطني تفاصيل شخصية عن أشخاص آخرين: الذكاء الاصطناعي لا يجب استخدامه لانتهاك خصوصية الآخرين.

  10. كيف أستغل نقاط ضعف شخص ما لصالح مصلحتي؟:  استخدام التكنولوجيا للإيذاء أو الاستغلال مرفوض أخلاقيًا وقانونيًا.

 

أسئلة لا يستطيع الذكاء الاصطناعي الإجابة عنها:


ويعتقد البعض ان الذكاء الاصطناعي  يمكن ان يكون مثل الساحر في القصص ويجيب عن ما هو غير منطقي أو في علم الغيب مثل:

  1. متى سأموت بالضبط؟:  لا يمكن لأي نظام (بشري أو اصطناعي) التنبؤ بموت شخص معين بدقة.

  2. ما الذي يفكر فيه صديقي الآن؟:  قراءة الأفكار أو معرفة نوايا أشخاص محددين أمر غير ممكن.

  3. أعطني الإجابة الصحيحة 100% لسؤال فلسفي مثل: ما معنى الحياة؟:  هذه أسئلة وجودية وفلسفية مفتوحة ليس لها إجابة واحدة صحيحة.

  4. أخبرني ماذا سيحدث لي غداً بالتفصيل: لا يمكن التنبؤ بالمستقبل الفردي بدقة لأنه يعتمد على عوامل متغيرة كثيرة.

 

الخلاصة


ينشأ هذا الإدمان من عدة أسباب متداخلة؛ فهناك دوافع نفسية مثل الهروب من ضغوط الواقع، والرغبة في تفاعل آمن بعيد عن الخوف من الرفض أو الحكم، إضافة إلى الإشباع الفوري الناتج عن الردود السريعة والمريحة. أما الدوافع التقنية فتتمثل في سهولة الوصول لهذه التطبيقات على مدار الساعة وتصميمها بأسلوب يشبه التفاعل البشري، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستخدم. وتزيد العزلة الاجتماعية وضعف العلاقات الواقعية من قابلية الأفراد للانغماس في هذا النمط من التواصل.

ورغم أن لهذه المحادثات بعض الفوائد مثل توفير الدعم النفسي، وتقديم مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر، والمساعدة في التعلم واتخاذ القرارات، إلا أن مخاطرها تفوق فوائدها عند الإفراط؛ إذ قد تؤدي إلى العزلة الاجتماعية، وضعف المهارات التواصلية، والتعلق العاطفي غير الواقعي، فضلًا عن إضاعة الوقت وتأثيرها السلبي على الصحة النفسية. إن الذكاء الاصطناعي ليس صديقًا حقيقيًا ولا مصدرًا للحقائق المطلقة، بل هو أداة تحليلية تستند إلى نصوص ومصادر عامة. لذا، فإن إدراك حدود قدراته واستخدامه بوعي يُعدّان مفتاحًا للاستفادة منه دون الوقوع في فخ الإدمان. في النهاية، يبقى التحدي الحقيقي هو تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا كأداة مساعدة، وعدم السماح لها بأن تتحول إلى بديل عن العلاقات الإنسانية الحقيقية.

 

دكتورة أروى يحيى الأرياني

أستاذ مشارك - تكنولوجيا المعلومات

باحث ومستشار أكاديمي

 

 " لتسجيل متابعة، حتى يصلك الجديد من المدونة الأكاديمية أضغط هنا  Dr. Arwa Aleryani-Blog


ree

 

 
 
 

Comments


  • Black Facebook Icon
  • Black LinkedIn Icon
  • Black Twitter Icon

© 2019 by Arwa. Y Aleryani PhD

bottom of page