رغم ان السرقة الفكرية موجودة منذ قديم الزمان، ولكنها لم تكن بالسهولة التي صارت عليها بالعالم الرقمي والذي اعتمد على قص ولصق، وبنفس الوقت أصبح اكتشافها أسهل مما كان عليه الحال في العصر ما قبل الرقمي، لان الأصل والمسروق صاروا في بيئة واحدة هي الانترنت. تشير السرقة الفكرية الرقمية إلى سرقة أو انتهاك حقوق الملكية الفكرية عبر الوسائط الرقمية، مثل الإنترنت والأجهزة الإلكترونية وتشمل هذه السرقة استخدام أو انتهاك حقوق الملكية الفكرية للمحتوى الرقمي دون الحصول على إذن من صاحبها الاصلي، ويمكن أن تتضمن الأعمال الفنية، والبرمجيات، والموسيقى، والفيديو، والنصوص، وغيرها من المواد الفكرية.
أنواع السرقة الفكرية الرقمية
انتهاك حقوق الطبع والنشر: يتضمن نسخ أو توزيع المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر دون إذن من صاحب الحقوق.
القرصنة الرقمية: تشمل تكسير الحماية الرقمية للوصول إلى محتوى محمي بحقوق الطبع والنشر، مثل تخطي حماية النسخ في البرمجيات أو الأفلام.
انتهاك حقوق الملكية الفكرية: يشمل استخدام ونقل الأفكار أو الابتكارات أو العلامات التجارية أو الاختراعات دون إذن.
الاستخدام غير القانوني للملكية الفكرية: يشمل استخدام ملكية فكرية محمية بشكل غير قانوني دون الحصول على إذن، مثل استخدام صور أو موسيقى في إنتاجات أخرى دون ترخيص.
التزوير الرقمي: يشمل إنتاج مواد رقمية مزورة تحاكي أو تتلاعب بالمواد الأصلية بطريقة تحاكي الأصل.
سمات سارق الحقوق الفكرية
يمكن أن تتنوع صفات الأشخاص الذين يقومون بسرقة إنتاج الآخرين ونسبه لأنفسهم ومع ذلك، فإن هذه الصفات توفر لنا فهمًا أوليًا لسلوكهم وما قد يدفعهم لارتكاب هذه الأفعال منها:
عدم النزاهة الأخلاقية: قد يكون لديهم قناعة خاطئة بأن سرقة الأفكار أو المحتوى ليست خطأً أو غير مهم.
الطمع والرغبة في الكسب السريع: قد يكونون مهتمين بالحصول على المكاسب المالية أو الشهرة دون بذل الجهد اللازم لإنتاج محتوى أصلي.
نقص الثقة بالنفس: قد يكون لديهم انعدام ثقة في قدراتهم الخاصة على الإبداع أو الإنتاج الفكري، مما يدفعهم إلى سرقة أعمال الآخرين.
عدم الاحترام لحقوق الملكية الفكرية: قد يكون لديهم وجهة نظر مشوهة تجاه حقوق الملكية الفكرية ولا يعتبرونها مهمة أو محترمة.
عدم الواعي بالقوانين: قد يكونون غير مدركين بشكل كاف للقوانين التي تحمي حقوق الملكية الفكرية والتأثيرات القانونية لأفعالهم.
الافتقار إلى الإبداعية والابتكار: قد يفتقرون إلى القدرة على إنتاج محتوى أصلي بسبب قلة الإبداعية أو التفكير الابتكاري.
الإدمان على السرقة الفكرية: قد يكون لديهم نمط سلوكي مدمر يجعلهم يعتمدون على سرقة الأفكار أو المحتوى للتعبير عن أنفسهم بدلاً من العمل الإبداعي الأصلي.
الإجراءات الممكنة في حالة اكتشاف السرقة الرقمية
تتفاوت الخطوات التي يتخذها صاحب الملكية الفكرية حسب طبيعة وحجم الانتهاك، ويمكن أن تكون العمليات التي تتبعها معقدة وتتطلب وقتًا وجهدًا. ومع ذلك، فإن التصرف السريع والتوجه للمساعدة القانونية المناسبة يمكن أن يساعد في حماية حقوق الملكية الفكرية وتحقيق العدالة. وفي حالة السرقات الرقمية البسيطة مثل سرقة منشورات فيمكن مشاركة منشور السارق وتوضيح السرقة من خلال ابراز تاريخ النشر، ولكن في حالة سرقة محتوى كبير أو فيديوهات وصور تم بذل جهد لإعدادها فيمكن اتخاذ عدة خطوات مثل:
توثيق الانتهاك: يجب على صاحب الملكية الفكرية توثيق جميع الأدلة الممكنة للسرقة، بما في ذلك النسخ من الأعمال المنسوبة إليهم والتواريخ التي تم إنشاؤها.
التواصل مع المختصين القانونيين: ينبغي على أصحاب الملكية الفكرية استشارة محامي مختص في قضايا الملكية الفكرية للحصول على نصيحة قانونية وتوجيهات حول الخطوات القانونية الممكنة.
إرسال إشعار قانوني: يمكن لصاحب الملكية الفكرية إرسال إشعار رسمي إلى المتسبب في الانتهاك، مطالبًا بوقف الانتهاك والتوقف عن استخدام الملكية الفكرية المسروقة.
اللجوء إلى القضاء: في حال عدم استجابة المتسبب في الانتهاك أو عدم تسوية النزاع بطرق غير قانونية، يمكن لصاحب الملكية الفكرية مقاضاة المتسببين في القضاء والطلب تعويض مالي وإصدار أوامر قضائية لوقف الانتهاك.
حماية الملكية الفكرية مستقبلاً: يجب على أصحاب الملكية الفكرية اتخاذ خطوات لتعزيز الحماية المستقبلية لأعمالهم، مثل تسجيل حقوق الطبع والنشر والعلامات التجارية، وتطبيق تقنيات الحماية الرقمية على المحتوى.
التعاون مع السلطات المختصة: في بعض الحالات، قد يكون من الضروري التعاون مع السلطات المختصة، مثل الشرطة أو الجهات القضائية، لمساعدتهم في التحقيق ومكافحة الجريمة الرقمية.
التوعية بمخاطر السرقة الفكرية الرقمية
التوعية بمخاطر السرقة الفكرية الرقمية هي عملية تهدف إلى نشر المعرفة حول أهمية حماية حقوق الملكية الفكرية، وتأثيرات انتهاكها على الأفراد والمجتمعات. تتضمن هذه التوعية تعليم المستخدمين، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، حول القوانين التي تحكم الملكية الفكرية، وضرورة احترام حقوق المبدعين والمبتكرين في العالم الرقمي. ومن أهداف التوعية:
تعزيز القيم الأخلاقية: نشر ثقافة احترام حقوق الآخرين في الملكية الفكرية.
الحد من السلوكيات الضارة: تقليل الانتهاكات الناتجة عن الجهل بالقوانين.
دعم الابتكار والإبداع: تحفيز الأفراد والمؤسسات على تطوير محتوى أصلي بدلاً من اللجوء إلى السرقة.
زيادة الوعي بالقوانين والعواقب: تعريف المستخدمين بالتشريعات المحلية والدولية والعواقب القانونية للسرقة الفكرية.
وسائل التوعية
ورش العمل والندوات: تنظيم فعاليات تعليمية تستهدف الجمهور العام أو المهنيين.
المناهج التعليمية: إدراج مواضيع عن الملكية الفكرية في التعليم المدرسي والجامعي.
وسائل الإعلام: استخدام الإعلام التقليدي والرقمي لنشر رسائل التوعية.
التعاون مع الجهات المختصة: العمل مع المنظمات والحكومات لإطلاق حملات توعية.
الأدوات المساعدة لحماية الملكية الفكرية الرقمية
تقنيات الحماية الرقمية (Digital Rights Management - DRM) : أدوات تُستخدم للتحكم في الوصول إلى المحتوى الرقمي وحمايته من النسخ أو التوزيع غير المصرح به مثل تشفير الملفات، قيود النسخ، وحماية المحتوى على منصات البث.
برامج كشف التشابه والانتحال (Plagiarism Detection Tools) : أدوات تساعد في الكشف عن النصوص أو المحتويات المسروقة مثل Turnitin ، Grammarly، Copyscape
العلامات الرقمية (Digital Watermarking) : وضع علامات غير مرئية في الصور، الفيديوهات، أو المستندات لإثبات الملكية. تُستخدم لتتبع المصدر الأصلي وحماية المحتوى من الاستخدام غير القانوني.
تسجيل حقوق الطبع والنشر والعلامات التجارية: تسجيل الأعمال لدى الهيئات الرسمية لحمايتها قانونيًا من الانتهاكات.
استخدام تراخيص المحتوى المفتوح : (Creative Commons Licenses) توفير إطار قانوني يحدد شروط استخدام المحتوى، مما يقلل من فرص سوء الاستخدام.
منصات إدارة المحتوى : (Content Management Systems) أنظمة تحمي المحتوى المُدار على الإنترنت من السرقة، مثل WordPress باستخدام الإضافات الأمنية.
التحديث المستمر للتقنيات: استخدام أحدث البرمجيات والتقنيات لتأمين البيانات والمحتوى من القرصنة أو التزوير.
الخلاصة
تعد السرقة الفكرية الرقمية تحديًا معاصرًا يتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات والحكومات لمواجهته. من خلال التوعية، تعزيز التشريعات، وتطبيق تقنيات الحماية، يمكن الحد من هذه الممارسات وحماية حقوق المبدعين، مما يسهم في خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا وإنصافًا. تتطلب مواجهة السرقة الفكرية الرقمية الجمع بين التوعية الفعّالة واستخدام أدوات حماية مبتكرة. من خلال تمكين الأفراد والمؤسسات بالمعرفة والتقنيات، يمكن بناء بيئة رقمية أكثر أمانًا تحفز الإبداع وتحمي حقوق الجميع.
دكتورة أروى يحيى الأرياني
أستاذ مشارك - تكنولوجيا المعلومات
باحث ومستشار أكاديمي
" لتسجيل متابعة، حتى يصلك الجديد من المدونة الأكاديمية أضغط هنا Dr. Arwa Aleryani-Blog
Comentários