top of page
Search

الأمانة الأكاديمية بين الضمير وحقوق الآخرين

  • Writer: Dr. Arwa Aleryani
    Dr. Arwa Aleryani
  • May 25, 2020
  • 6 min read

Updated: Jun 2, 2020

البحث العلمي هو المحرك الأساسي لتطور البشرية خاصة الأبحاث التي تتم داخل معاهد أو مراكز علمية ويحدد لها أهداف وتمويل مناسب. وهناك أيضا الأبحاث التي تتم بغرض الحصول على درجة علمية معينة أو ترقية اكاديمية. وفي الأخير هناك البحث العلمي الذي يتم رغبة في الاستكشاف والاضافة العلمية للعلم.

ويهتم الباحث عادة بالجانب العلمي للبحث من حيث الأسس والمنهجية وتحليل البيانات ومن ثم النشر في المجلات العلمية المحكمة ويبدأ بعدها الباحث بعمل البيئة المناسبة له فيكون لنفسه ملف على المواقع والمنصات الاكاديمية. مع الأسف يغفل الكثير عن معرفة الاخلاقيات العلمية ويعمد البعض على تجاهل حقوق الاخرين الفكرية ويعتبرها مباحة طالما لا قانون يحكمها أو هكذا يفترض.

في هذا الموضوع سوف نسرد اخلاقيات الباحث العلمي وأهم الاختراقات للنزاهة والأمانة الاكاديمية التي تتم أحيانا بقصد أو دون قصد لما تعنيه هذه الخروقات.


الاخلاقيات العلمية

الاخلاق العلمية ليست منفصلة عن الاخلاق العامة وعادة يكون للأشخاص المتحلين بالأخلاق العالية، أخلاق ونزاهة علمية عالية أيضا. وأهم سمات هذه الأخلاق هي الحفاظ على أمانة العمل الأكاديمية ونزاهة البحث العلمي وهذا يعني حفظ حقوق الأخرين وبنفس الوقت عدم اعطاء أحد حق ليس له من قبيل المجاملة أو الخوف على مصلحة. كنا يشمل أمانة العمل الأكاديمي من أشراف على الطلاب إلى نشر الأبحاث وغيرها.

الخروقات التي تستهدف الأمانة الأكاديمية

سنستعرض بعض من هذه الخروقات التي تستهدف الأمانة العلمية والنزاهة الأكاديمية بهدف التنبيه لها ومحاولة توضيح العقوبات التي قد تصاحب هذه الخروقات.


اضافة زميل

يتم هذا الخرق للنزاهة الأكاديمية عادة بين الزملاء في البكالوريوس أثناء الإعداد لمشاريع التخرج حيث يتم إضافة زميل لهم دون اسناد عمل له بحجة أنه مشغول لن يستطيع العمل معهم أو بحجة أن امكانيته ضعيفة أو يتم تحميله مسئولية بسيطة مثل عملية الطباعة ولكنه بالواقع لم يضيف شيء للمشروع وربما لا يعلم شيء عن محتواه وهم بذلك ينتهكوا الأمانة العلمية وبنفس الوقت يضروا زميلهم بعدم معرفته ومشاركته الفعلية بمشروع التخرج. وهنا من واجب المشرف ملاحظة هذا السلوك المشين وتقويمه وتنبيه الطلاب إلى الخلل الكبير لهذا التصرف وحتى لا يتحول هذا السلوك إلى سلوك متبع في حياتهم المستقبلية وعدم اهتمامهم بما يحمله من خرق للأمانة العلمية.

وقد يتم هذا السلوك المشين أيضا بين طلاب الماجستير أثناء تقديم أبحاث المقررات خلال الدراسة حيث يتم إضافة زميل أو أكثر دون مساهمة فعلية منهم. وفي حالة جدية المشرف فأنه يستطيع معرفة هذا الخلل وتحذير الطلاب من هذا السلوك لأنهم في مرحلة علمية أعلى من طلاب البكالوريوس.

دائرة بحثية- اضافة مجموعة

يتم هذا الاختراق بالاتفاق بين مجموعة من الزملاء في تخصص واحد على أن أي منهم يقوم بعمل بحث عليه إضافة أسماء البقية على البحث وربما دون حتى ابلاغهم فهو اتفاق مسبق واضح يهدف إلى رفع نسبة أبحاث أفراد المجموعة دون مشاركة فعلية بهذه الأبحاث. وهذا قد يضيف للباحث رصيد من الأبحاث ولكنه رصيد وهمي. وقد يتم مع الأسف هذا النوع من الخروق بين زملاء باحثين أساتذة من حملة الدكتوراه فيتم الانفاق على إضافة زميل أو أكثر على أن يقوم الأخر بإضافة تبادلية دون مشاركة فعلية بالبحث وهذا قد يضيف للباحث رصيد مبالغ فيه إذا قورن بالفترة الزمنية التي تمت فيها هذه الأبحاث. ومن هنا تحرص كثير من المجلات العلمية الدقيقة إلى طلب تحديد مساهمة كل باحث بالبحث في محاولة من المجلة لضبط هذه الخروقات للأعراف الاكاديمية.

تبادل أبحاث الدكتوراه

يشترط في الجامعات للترقية من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك على تقديم أبحاث منشورة على أن تكون خارج نطاق الدكتوراه الخاصة بالمتقدم للترقية. فيتم الاتفاق بين الزملاء على عمل أبحاث من موضوع الدكتوراه لكل منهما واعطاءها للآخر لتقديمها باسمه دون عمل فعلي على هذا البحث.

سرقة بحث

يستغل بعض المشرفين جهل الطلاب بعملية البحث عن مصادر (أو يتوقعوا ذلك) فيقوموا بسرقة أحد الأبحاث ووضع اسمه عليه واعطاءه للطالب كنوع من اظهار قدراتهم البحثية، متناسيين ان الطالب لا شك فيها سيعمد إلى البحث عن مصادر أكثر بنفس الموضوع ويجد البحث الأصلي منشور بأحد المجلات العلمية. هذا السلوك المشين من قبل الأستاذ يؤثر في بعض الطلاب فيعتبرون ان انتحال أبحاث الأخرين عمل لا يضر وفي نفس الوقت تهتز صورة الأستاذ في نظر الطلاب الذين يصدمون من هذا التصرف الذي لا معنى له ولا فائدة.

نشر بحث مسروق

يقوم بعض طلاب الماجستير وأحيانا الأساتذة بأخذ بحث منشور والقيام بعمل تعديلات لغوية عليه ومن ثم نشره في أحد المجلات البسيطة والتي لا تبحث كثير عن البحث المرسل لها. تقع المسئولية لهذا الخرق للنزاهة الأكاديمية على الطلاب أولا وعلى المشرف الذي لم يتابع عمل الطلاب واكتشاف الخلل قبل أرساله للمجلة. وأن كان هذا النوع من الخروقات عادة يَكشف من قبل الباحثين الاخرين الذين يحصلون على البحثين أثناء بحثهم عن مصادر في نفس المجال ويكتشفوا التشابه بينهم وبالطبع يكون الأول بالنشر هو الأصلي. وإذا كان الباحث الذي وجد البحثين المتطابقين من الأشخاص الحريصون على النزاهة العلمية فقد يعمد إلى إبلاغ المجلة الأصلية لعمل الإجراء المناسب. وعموما هذا النوع من الخروقات سهل الاكتشاف حيث يمكن للمجلات اكتشاف التشابه بطرق بسيطة مثل البحث عن الملخص أو الخلاصة بمحركات البحث لأن الباحث المزور لا يتقن عادة التغيير اللغوي المناسب.

تحوير وتدوير بحث

يقوم بعض الباحثين بنشر بحث في مجلة وبعد فترة يقوموا بالتعديل اللغوي عليه وتغيير العنوان وارساله لمجلة أخرى بهدف زيادة الأبحاث المنشورة لهم دون إضافة حقيقية جديدة. وبالطبع أيضا يمكن كشف الموضوع ببساطة مثل عملية كشف البحث المسروق المشار له اعلاه حيث يصل البحثان إلى يد أي باحث يقوم بعملية بحث في ذاك المجال.

التحيز بتحليل البيانات

يفترض بعض الباحثين أن البحث ملك خاص لهم، وعليه فأن منهم من يتحكم بالنتائج ويحللها وفقا لما يرغب أن تكون النتائج عليه وبذلك فهو يخفي حقيقة التحليل ويظهر نتائج غير حقيقية لغرض خاص فيه. هذا السلوك المشين ينسف هدف البحث تماما ويضلل الحقيقة وهو بهذه الطريقة لم يعد بحث مفيد أو بحث لا قيمة له ولكنه يتحول إلى بحث مضلل يمكن أن تأخذ منه أبحاث أخرى.

امانة التحكيم في المجلات العلمية

التحكيم أو المراجعة للأبحاث المقدمة للمجلات العلمية يعتبر من الأدوار المهمة التي يقوم بها الباحثين وهي في أغلب المجلات عملية طوعية فائدتها تعود على المراجع بشكل رصيد أكبر من الخبرة والمعرفة بمشاكل أبحاث الأخرين.

تعتمد كثير من المجلات على التحكيم الأعمى وهو الذي لا يعرف المحكم هوية الباحث ولا يعرف الباحث هوية المحكم. والتحكيم عادة عمل طوعي لذا يجب ان يتم بأمانة أو الاعتذار عنه. ويقوم بعض المحكمين بالتحكيم السريع دون اهتمام بالمحتوى فعليا كما يقوم البعض بالتحيز بالتحكيم إذا كان المحتوى مخالف لرايه أو غيرها من الأسباب الشخصية رغم أن المجلة تسأل المراجع إذا كان لديه تعارض في المصالح فعليه بالاعتذار عن المراجعة.

أمانة الاشراف العلمي وحقوق الطلاب

كل طالب ماجستير أو دكتوراه يتم تخصيص مشرف عليه أو أكثر للأشراف وعادة يتم الأشراف بالتوجيه وتصحيح المسار أما إذا كان المشرف مهتم بالبحث فقد يساهم بدرجة أكثر مع الطالب.

ولكن هناك مشرفين يستلمون مسئولية الأشراف كأحد الواجبات المفروضة عليهم من الجامعة أو لمكاسب مالية ولكنهم لا يعطون الطالب أي وقت للتوجيه والدعم وهذا يعتبر اخلال بالأمانة التي وافق على تحملها. ومع ذلك نجد أن المشرف يصر على وضع اسمه على البحث الذي يٌنشر أثناء دراسة الماجستير أو الدكتوراه وقد يلزم المشرف الطالب بوضع اسمه كباحث أول رغم أن العمل الأكبر تم من قبل الطالب وهو بذلك يستغل وضع الطالب في عدم قدرته على الاعتراض حفاظا على العلاقة مع المشرف. والسلوك الأسواء الذي يتم من قبل بعض المشرفين هو الحصول على بحث الطالب ونشره بالمجلة العلمية دون وضع أسم الطالب عليه خاصة إذا كان البحث متميز.

تجارة الأبحاث

وأخير والكارثة الأكبر هي سوق الأبحاث والذي يتم ممارستها من قبل طرفين الطرف الأول باحث جعل من البحث مورد رزق مشبوه وطرف ثاني من البعض الذين لا ينظروا للبحث العلمي الا كعبور وخروج إلى مكاسب أخرى.

تجارة الأبحاث متنوعة منها إلزام بعض الأساتذة زملائهم المدرسين على عمل بحث ووضع أسمائهم معهم دون مشاركة فعلية وهم بذلك يستندون لسلطهم وصلاحيتهم اتجاه هؤلاء الزملاء. والنوع الثاني وأبطاله عاده طلاب الماجستير الذين يفتقدون للإمكانية والهمة لعمل أبحاثهم الخاصة فهم يتفقون مع باحثين أخرين قد يكونوا في دول أخرى لعمل أبحاث لهم في مقابل مادي كبير وبذا يحصلون على الدرجة العلمية دون جدارة.

وأسواء تجارة أبحاث هي تلك التي تتم بالعلن فتقوم بعض المراكز بالإعلان عن عرضها لعمل أبحاث ورسائل ماجستير ودكتوراه لقاء مبلغ مالي كبير ويتضمن الاتفاق تدريب الباحث المزور على هذا البحث أو الرسالة وتجهيزه بشكل جيد للمناقشة.

اختراق المجلات مغلقة المصدر

هناك أبحاث ومصادر معينة تكون محجوبة وفقا لقيود المجلة ولا يستطيع الحصول عليها إلا بمقابل مالي. يقوم بعض الباحثين بمحاولة الحصول على هذه الأبحاث عن طريق استخدام برمجيات معينة تعمل على فك هذه القيود وأيضا هذه تعتبر أحد خروقات الأمانة العلمية وحقوق الأخرين.

التدابير لتقليص خروقات النزاهة العلمية

المسئولية في هذا الخروقات للأمانة العلمية تقع على عدة أطراف أهمها الباحثين، الجامعات، والمجلات العلمية. عندما نتحدث عن الباحث فهو في عمر مسئول ولا نستطيع أن نرمي أي مخالفة للجهل أو قلة الخبرة أو عدم الأدراك إلا فيما ندر. يجب على الباحثين العلم أن الكفاءة العلمية لا تقاس بعدد الأبحاث ولكن تقاس بجودة الأبحاث وعدد الاقتباسات منها والمشاركات الأكاديمية والدعم والمساندة للباحثين الشباب. يمكن للباحث رفع درجة النزاهة العلمية وأتباع السلوك الأكاديمي الصحيح وتقليص هذه الخروقات وتجنيب نفسه وطلابه وجامعته الظهور بمظهر مشين أمام الآخرين.

ومن ثم تقع المسئولية على الجامعة التي من واجبها تقويم السلوك الأكاديمي ونشر ثقافة الأمانة العلمية. تقوم الجامعات بدور مهم في تتبع طلابها ومدرسيها وتصحيح المسار العلمي من خلال ورش العمل والمحاضرات التوعية ومن خلال سن القوانين التي تحكم مثل هذه الخروقات كما تقوم بدور مهم بفرض التدقيق على أبحاث الطلاب وأبحاث المدرسين المقدمة للترقية وغيرها. كما أن على الجامعة سن القوانين التي تحمي حقوق الآخرين الفكرية وفرض العقوبات المناسبة لمثل هذه الخروقات قد تصل إلى الطرد من الجامعة. ويندرج تحت مظلة الجامعة المشرف الأكاديمي حيث أن له دور كبير في الطريق الذي يسلكه الطالب فمن خلال التوجيه والإرشاد وتقويم سلوك الطالب الباحث يمكن ان يخلق باحث أكاديمي جيد متبع للمعايير الاكاديمية ومتحلي بالأمانة العلمية. كما يمكن للجامعات والجهات ذات الصلة وقف عمل تجار الأبحاث والابلاغ عنهم سواء كانوا متواجدين فعليا أو من خلال مواقع أكاديمية.

كما تقع المسئولية على المجلات العلمية لكشف هذه الخروقات للأمانة العلمية وتحري نزاهة الأبحاث المرسلة لها والتـأكد من توفر شروط الأمانة فيها من خلال البرامج والتطبيقات التي تحدد درجة الاقتباس والانتحال وتحديد مساهمات الباحثين والتدقيق بعمل المحكمين. كما أن عليها فرض العقوبات على الذين يخترقون النزاهة العلمية وينتحلوا جهود الأخرين.


دكتورة أروى الإرياني

أستاذ مشارك - تكنولوجيا المعلومات

باحث مستقل

وبشكل أكثر توسعا ودقة وتغطية جوانب أكثر في العمل الأكاديمي والبحثي يمكن الاطلاع على هذه الوثيقة




 
 
 

Commentaires


  • Black Facebook Icon
  • Black LinkedIn Icon
  • Black Twitter Icon

© 2019 by Arwa. Y Aleryani PhD

bottom of page