top of page
Search

أدب التواصل الرقمي: لطف الكلمة وأثرها في بناء مجتمع رقمي إيجابي

  • Writer: Dr. Arwa Aleryani
    Dr. Arwa Aleryani
  • Feb 2
  • 6 min read

تُعدُّ المشاركة الطيبة على وسائط التواصل الاجتماعي ضرورة لتحقيق بيئة رقمية إيجابية تُشجِّع على الحوار البنَّاء وتبادل الأفكار بطريقة محترمة. فعندما نتعامل مع الآخرين بلطف واحترام، نُسهم في تعزيز قيم التسامح والتفاهم، مما ينعكس إيجاباً على العلاقات بين الأفراد والمجتمعات. ومن المهم احترام التنوع في الآراء والثقافات، حيث يثري هذا التنوع النقاشات ويوفر فرصاً للتعلم من وجهات نظر مختلفة. كما أن السيطرة على الانفعالات تُعدُّ أساساً للحفاظ على جو من الود والتقدير على هذه الوسائط. فعند مواجهة النقد أو الخلاف، يجب التعامل بعقلانية وهدوء، مع التركيز على حل المشكلات بدلاً من تصعيدها. إن هذه السلوكيات لا تسهم فقط في بناء علاقات قوية، بل تعزز أيضاً من مصداقية الفرد وتأثيره الإيجابي في المجتمع الرقمي.

 

أولا:  أخلاقيات وسائط التواصل الاجتماعي


في عالم أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، أصبح من الضروري أن نتبنى سلوكيات إيجابية تحافظ على الاحترام وتدعم التفاعل البناء. هذه المنصات ليست مجرد وسيلة للتعبير عن الرأي، بل هي مساحة للتواصل والتأثير والتعلم. لذلك، فإن الالتزام بآداب وأخلاقيات المشاركة يُعد ركيزة أساسية لضمان استخدام مسؤول ومستدام لهذه الأدوات.


المسؤولية في التعبير عن الرأي

  • تجنب الإساءة:  قبل نشر أي تعليق أو مشاركة، تأكد أن كلماتك لن تُسبب أذى للآخرين. الحرية في التعبير لا تعني التجاوز على الآخرين. ولا تعتبر الإساءة حرية تعبير ولا دليل قوة.

  • مراعاة الحقيقة:  شارك المعلومات الموثوقة وتجنب نشر الشائعات أو الأكاذيب. التحقق من المصادر مسؤولية أخلاقية. وتذكر أنك لا ترغب ان تكون من ناشرين الأكاذيب وخلق جهل بالحقيقة.

  • التعبير بأدب:  حتى عند الاختلاف في الرأي، استخدم لغة محترمة وحوارًا بناءً وتوقف عن المجادلة إذا صار النقاش عديم الجدوى. تذكر ! ليس شرط ان يكون رأيك صحيح دائما.

 

احترام خصوصية الآخرين

  • عدم انتهاك الخصوصية:  تجنب نشر صور أو معلومات شخصية تخص الآخرين دون إذنهم، تذكر كم سيزعجك لو حدث هذا معاك. تذكر الذين ينشرون صور ومعلومات على صفحاتهم بهدف مشاركة الأصدقاء لا يعني ان تتحول إلى حق مباح للنشر.

  • الوعي بالحدود:  تذكر أن بعض التفاصيل، حتى وإن كانت تبدو بسيطة، قد تُسبب ضررًا إذا تم نشرها. وتذكر ان نشر تفاصيل الأخرين ليس شأن عظيم حتى تفتخر فيه.


الامتناع عن التنمر الإلكتروني

  • رفض الإساءة:  لا تشارك في نشر التعليقات السلبية أو السخرية من الآخرين. وتذكر كم سيزعجك لو كنت أنت المستهدف. كما عليك العلم ان مشاركة منشورات الإساءة بهدف نقدها يساهم أكثر بنشرها فتجنب ذلك.

  • الدفاع عن المظلومين:  إذا شهدت تنمرًا، أظهر الدعم للطرف المتضرر بطريقة صحيحة حتى لا تعمل على التنمر دون قصد، وحاول الإبلاغ عن السلوك المسيء.


التفاعل الإيجابي والبناء

  • التشجيع والتحفيز:  استثمر وجودك في نشر الإيجابية وتشجيع الآخرين على النجاح. وبذلك ستساهم في خلق بيئة صحية إيجابية.

  • الرد بأدب:  حتى عند تلقي تعليقات سلبية، حاول الرد بأسلوب لبق أو تجاهلها بدلاً من التصعيد. وتذكر ان إظهار الأدب سيرفع شأنك أمام نفسك وأمام الأخرين ولن يظهر ضعفا كما يعتقد البعض.

 

احترام القوانين والقواعد

  • حقوق الملكية الفكرية:  لا تقم بمشاركة محتوى لا تملك حقوقه دون الإشارة إلى صاحبه. هناك قوانين قد تطالك.

  • التقيد بسياسات المنصات:  اتبع القواعد التي وضعتها منصات التواصل لضمان بيئة آمنة للجميع. وهذا يجعك عضو فعال محل ثقة.


ضبط الوقت والاستخدام

  • التوازن:  لا تدع وسائل التواصل تستهلك وقتك بالكامل على حساب حياتك الواقعية. وهذه حقيقة الكل يعرفها والقليل يهتم بها ويتبعها.

  • الاستخدام الهادف:  اسأل نفسك دائمًا هل ما أشاركه يضيف قيمة؟ توقف إذا كانت الإجابة بــ "لا". لا تشارك في جعل مشاركتك تزيد من تلويث وسائط التواصل الاجتماعي.


تعزيز الثقافة والمعرفة

  • نشر المحتوى المفيد:  اجعل وجودك على المنصات إضافة إيجابية من خلال مشاركة ما يعزز الوعي والمعرفة. وتذكر ان من يتابعك سيستفيد من مشاركاتك وستترك دائما أثر طيب.

  • تقبل النقد البناء:  اعتبر منصات التواصل فرصة للتعلم والنمو من خلال الاستماع إلى وجهات نظر مختلفة. تقبل الانتقاد الهادف وأحذف من متابعيك من يستخدم النقد السلبي فلا حاجة لك بهم.

 

 

ثانيا: احترام التنوع والاختلاف


في عالم مليء بالتحديات والتغيرات السريعة، يُعد احترام التنوع وتقبل الاختلاف واحترام الرأي والرأي الآخر من القيم الأساسية التي تُعزز من تماسك المجتمعات وازدهارها. هذه القيم ليست مجرد شعارات، بل هي أسس للتعايش السلمي والتقدم الجماعي. وقد يكون الاختلاف بالاهتمامات، في أولويات الحياة، وفي القضايا ومناصرتها، وهكذا جبلت الحياة على التنوع والاختلاف وهذا ما أراده الله سبحانه وتعالي بدليل التنوع والاختلاف في كل مخلوقاته من بشر وحيوانات وطيور وطبيعة. عليك تفهم هذا الاختلاف واحترامه  وتقبله أو على الأقل تجاهله حتى لا تجد نفسك تحارب على جبهات لا تعنيك ولا تضيف لك شيء.


أهمية احترام التنوع وتقبل الاختلاف

التنوع هو حقيقة طبيعية تعكس الاختلافات بين البشر في الثقافة، العرق، الدين، اللغة، والمعتقدات. تقبل هذا التنوع يُسهم في:

  1. تعزيز التفاهم المتبادل: عندما نتقبل اختلافاتنا، نصبح أكثر قدرة على التواصل الفعال مع الآخرين.

  2. إثراء الحياة الاجتماعية:  التنوع يُضيف بُعدًا جديدًا للتجارب الإنسانية ويُغني المجتمعات.

  3. زيادة الابتكار والإبداع:  تعدد الآراء ووجهات النظر يُحفز التفكير الإبداعي ويُنتج حلولًا أكثر شمولية.

  4. تحقيق العدالة والمساواة:  قبول التنوع يُساعد في تقليل التمييز وبناء بيئة عادلة للجميع.

 

احترام الرأي والرأي الآخر

احترام الرأي والرأي الآخر يعني الاعتراف بحق الجميع في التعبير عن آرائهم دون خوف من الانتقاد أو الإقصاء. لتحقيق ذلك:

  1. الاستماع بعناية:  خصص وقتًا لفهم ما يقوله الآخرون دون مقاطعة إذا كان يهمك وتود سماعه مالم أترك.

  2. تجنب الأحكام المسبقة:  لا تحكم على الأفكار أو الآراء قبل أن تُدرك السياق الذي نشأت فيه، وخاصة أنك غير مسئول عن إصدار الأحكام ولا ترغب بإصدار أحكام على أراك من قبل الأخرين.

  3. التركيز على الحوار البنّاء:  استخدم لغة محترمة وهادئة عند مناقشة الآراء المختلفة، وتذكر ان اللغة المستخدمة تعبر عنك عند الأخرين وقد تعبر عن وطنك أو دينك أو عائلتك، وفقا لموضوع النقاش فمثلهم كما يجب وكما تحب ان يظهروا.

  4. البحث عن النقاط المشتركة:  بدلاً من التركيز على الخلافات، اعمل على تعزيز الجوانب التي تجمعك مع الآخرين. فكل البشر لديهم قواسم مشتركة وكثير من المجتمعات تضم أجناس وثقافات متنوعة وتتعايش بسلام.

 

تحديات تقبل التنوع واحترام الاختلاف

رغم أهمية هذه القيم، فإن هناك تحديات تواجهها:

  1. التحيز الثقافي والاجتماعي:  قد يكون من الصعب التغلب على الصور النمطية والأحكام المسبقة. فأعتمد الاطلاع والقراءة وتثقيف النفس بالمواضيع التي تود مناقشتها.

  2. نقص التعليم والتوعية:  الجهل بالتنوع الثقافي والاجتماعي يُعيق تقبله واحترامه. وأيضا هنا العلم والمعرفة والقراءة تزيد من درجة وعيك واستيعابك لنقاشات المتنوعة.

  3. الصراعات الشخصية والمجتمعية:  أحيانًا تؤدي الاختلافات إلى نزاعات تحتاج إلى إدارة حكيمة. لذا تجنب ان تساهم في توسيع رقعة النزاعات وكن الشخص الحكيم الذي يعمل على تقليص النزاعات والدعوة لتقبل الاختلافات.

 

كيفية تعزيز هذه القيم في المجتمع

من واجب الجهات المختلفة المعنية بتثقيف المجتمع من مدارس وجامعات ومؤسسات إلى تبني أنشطة متنوعة مثل:

  1. تقديم برامج تعليمية تُركز على أهمية التنوع وقبول الآخر.

  2. إنشاء منصات تشجع على النقاش المفتوح والبنّاء.

  3. تنظيم فعاليات تحتفي بالتنوع الثقافي والاجتماعي داخل المجتمع.

  4. أن يكون القادة والمربون نموذجًا في احترام التنوع وتقبل الاختلاف.

 

ثالثا: التحكم بالانفعالات


في عالم يزداد تعقيدًا وتشابكًا، أصبحت القدرة على التحكم بالانفعالات من المهارات الضرورية لتحقيق النجاح على المستويين الشخصي والمهني. هذه القيم لا تُساعد فقط في بناء علاقات صحية ومتينة، بل تُعزز أيضًا من فرص التقدم وتحقيق الأهداف.

التحكم بالانفعالات يعني القدرة على إدارة المشاعر السلبية كالغضب والإحباط بطريقة صحية ومثمرة. لتحقيق ذلك:

  1. الوعي الذاتي:  فهم مشاعرك وكيف تؤثر عليك هو الخطوة الأولى للتحكم بها. حاول ان تحلل سبب انفعالك من مواقف معينة واعرف ما الذي أثر فيك وحاول التخلص منه. وتذكر ان اختلاف الآراء عن رأيك حالة طبيعية في الحياة لا تعني نقص قيمة رأيك ولا رأي الأخرين فلا داعي للانفعال وصبه على الأخرين.

  2. التنفس العميق والاسترخاء:  تقنيات مثل التأمل والتنفس العميق تُساعد على تهدئة العقل والجسم. كما أنها رياضة روحية مفيدة في كل الأحوال.

  3. تجنب الاستجابات الفورية:  خذ وقتًا للتفكير قبل الرد على المواقف الصعبة. أو علم نفسك تجاهل ما لا يهم، وتذكر ان ليس كل ما يقال يجب التعليق عليه أو الرد.

  4. التعبير عن المشاعر بوضوح: لا ندعو إلى كبت مشاعرك ولكن حاول التحدث عنها بطريقة هادئة ومنطقية وتذكر ان كثير من الردود الغاضبة يلحقها ندم ولكن بعد فوات الأوان. 

 

الخلاصة


الاختلاف والتنوع موجودان على مر الزمان، ولكن في العصر الرقمي لم يعد الصراع على الاختلاف قاصر على النقاشات وجها لوجه ولكن فتح التواصل الاجتماعي الباب على مصراعيه لظهور هذه الاختلافات والتنوعات والذي يعتبر وضعا طبيعيا وصحيا. ومع حرية المشاركة والكتابة وخاصة من خلف شاشات اتيحت الفرصة للبعض للتقليل من شأن هذا التنوع ومحاربة من ليس من نفس هؤلاء البعض.

وسائط التواصل الاجتماعي ليست مجرد أدوات تقنية؛ إنها منصات تحمل تأثيرًا كبيرًا على الأفراد والمجتمعات. من خلال الالتزام بالآداب والأخلاقيات، يمكننا تحويل هذه الوسائل إلى قوة داعمة للتواصل البناء والنمو الشخصي والمجتمعي. نحن جميعًا مسؤولون عن خلق بيئة تواصل تحترم الآخرين وتعزز القيم الإنسانية. احترام التنوع وتقبل الاختلاف واحترام الرأي الآخر  والتحكم الانفعالات ليست مجرد قيم نظرية، بل هي مهارات عملية تُسهم في بناء مجتمعات أكثر تماسكًا وإنسانية. من خلال تعزيز هذه القيم، يمكننا أن نخلق بيئة تُتيح للجميع الفرصة للعيش بكرامة والمساهمة في تقدم البشرية.

 

 

دكتورة أروى يحيى الأرياني

أستاذ مشارك - تكنولوجيا المعلومات

باحث ومستشار أكاديمي

 

 

 " لتسجيل متابعة، حتى يصلك الجديد من المدونة الأكاديمية أضغط هنا  Dr. Arwa Aleryani-Blog


 



 
 
 

1 Comment


Guest
Feb 02

مقال مهم للجميع واتمنى تعم الفائدة.

Like
  • Black Facebook Icon
  • Black LinkedIn Icon
  • Black Twitter Icon

© 2019 by Arwa. Y Aleryani PhD

bottom of page